حضرة الأستاذ محمد خاطر: تحية وبعد، - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني

حضرة الأستاذ محمد خاطر
مدير المدرسة الثانوية في مجدل شمس
تحية وبعد
أنا شاب من قرية مجدل شمس تخرجت من المدرسة الثانوية عام 1996 وتعلمت على يدك مادة الفيزياء .
إن ما آلت إليه الأمور من تعقيد في العلاقة بين مؤسسة المدرسة الثانوية تحت إدارتك وبين المجتمع لسبب كاف بالنسبة لي أن أكتب لك حرصا على المصلحة العامة.
قد تفترض أنك على صواب في إدارتك للمدرسة، وأن لجنة أولياء الأمور على خطأ، أو أن المجتمع لم يعط لك الفرصة الكافية لتوضيح موقفك. قد تفترض أن هنالك تعرض لشخصك وحرف للصراع إلى غير مكانه الحق. قد تفترض أنك لست وحدك من يتحمل مسئولية انفراط العلاقة السليمة بين الإدارة والطلاب وأولياء الأمور، وقد تكون محقا. فليس السؤال الآن هل أنت السبب الوحيد في سوء إدارة المدرسة أم هناك شركاء لك، ولكن الحقيقة التي لا مجال لإخفائها أنك أنت الصفة الرسمية الوحيدة المسؤولة عن إدارة هذا المكان، بالتالي أنت من يقع عليه تحمل هذه المسؤولية. إضافة إلى أن المكان "المكانة" التي تشغلها ليست إنجازا شخصيا تتمسك به، في ظل عدم رضى أولياء الأمور عليه، فمنصب مدير المدرسة هو حيز عام وما أنت إلا موظفا تؤدي مهامك حسب ما يتطلب منك، وقد عينت بهذا الموقع من قبل وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية لتديره لا لتمتلكه، بالتالي يحق لأي كان من هذا المجتمع أن يسألك ويسائلك عن سوء إدارتك، على اعتبار أن موقعك يشكل حلقة وصل رئيسية بين أبناء هذا المجتمع وقدرتهم على النمو بشكل سليم يؤهلهم أن يكونوا جزءا فاعلا على الصعيدين المجتمعي والتعليمي وهذا مطلب حق لكل أفراد المجتمع الذين قالوا كلمتهم وعبروا عن عدم رضاهم عن أدائك "أفترض أن التزام الأهل بعدم إرسال أبنائهم إلى المدرسة دليل كاف على وقوفهم في صف لجنة أولياء الأمور" .
حضرة المدير :
ليس بقاؤك في منصب الإدارة لثمانية عشر عام يعطيك أي حق بامتلاكه، بل على العكس تماما فإننا نرى هنا احتكارية لا تقل سوءا عن إدعائنا فشلك، وإن عنادك في عدم الموافقة على المطلب الجماهيري بتنحيك عن الإدارة وتمسكك الغير مبرر بكرسي الإدارة يزيدنا تساؤلا: هل أنت حقا حريص على مصلحة أجيال من شبابا ليتخرجوا من هذه المدرسة في جو من عدم الثقة وتحت ظل ذهنية يفترض الغالبية من أبناء هذا المجتمع أنها غير قادرة على التأقلم أو الإبداع ؟ خاصة وأن الجميع يعرف أن الركود قاتل لإمكانيات التطور وأن خلق حالة من النمو الواعي والمبدع تستدعي التغيير ـ أنت وكثيرين من أتباعك تفترضون النجاح بالاستناد إلى عدد خريجي الجامعات، وهذا افتراض خاطئ لأن الفضل بتخرجهم من الجامعات حتما لا يعود إلى ثلاثة أو ستة أعوام قضوها دون خيار منهم في أجواء مريضة يتخللها فقدان تام للحوار والذي هو أهم أركان العلاقات السليمة، وركيزة أساسية لبناء شخصية الإنسان المنفتح والقابل للتطور والإبداع ـ. لقد تقاضيت راتبك كاملا مقابل هذه الوظيفة وليس لك في هذا جميل على أحد، بالمقابل ليس لأحد أن ينكر أنك حاولت قدرتك. ولكن الفرق أن حدودك لا تنسجم وحدود الآخرين من طلاب وأولياء أمور ومجتمع، وهذا الفارق بين قدرتك ورغبة الآخرين هو ما يقود إلى المطالبة بضرورة تنحيك وإفساحك المجال لاحتمال آخر، فمن غير المقبول أن تسيطر ذهنية منفردة على بناء أجيال متلاحقة من الشباب وأن يخضع ثمانية عشر فوج لرؤية وحيدة تقودها أنت، ربما تجد من يقول بصحتها ولكنها حتما لا ترقى إلى ما نصبو إلية من تطور ووعي.

في قرية صغيرة كقريتنا لكل سكانها صلة ما مع الأرض والزراعة تغيب الزراعة عن مدرستنا الثانوية.

في قرية صغير كقريتنا أكثر من ستين موسيقيا "بين مبتدئ ومحترف" لم تقدم لهم المدرسة الثانوية أي مساهمة في بناء مستقبلهم.

في هذه القرية أكثر من أربعين مسرحيا لم تقدم لهم المدرسة الثانوية أي مساهمة في بناء مستقبلهم

في هذه القرية أكثر من ثلاثين فنانا لم تقدم لهم المدرسة الثانوية أي مساهمة في بناء مستقبلهم.

في هذه القرية أكثر من خمسة عشر كاتبا "بين ناشئ ومتمرس" لم تقدم لهم المدرسة الثانوية أي مساهمة في بناء مستقبلهم.

في هذه القرية ما يقارب الثلاثين صيدلانيا لم تقدم لهم المدرسة الثانوية أي مساهمة في بناء مستقبلهم.

في هذه القرية ما يقارب العشرين عالم اجتماع لم تقدم لهم المدرسة الثانوية أي مساهمة في بناء مستقبلهم.

في قرية صغيرة كقريتنا عدد كبير من الصحافيين والمصورين والحقوقيين والرياضيين ينكرون أي دور أو فضل أو مساهمة من المدرسة الثانوية في بناء مهنيتهم.

هذا إذا افترضنا مجازا أن للمدرسة مساهمة أو تأثيرا ما على نجاح عدد كبير ممن اختاروا الطب أو الهندسة أو الآداب طريقا ومهنة .

حضرة الأستاذ محمد
لا يدور الخلاف حول شخصك فقد تكون مهندسا بارعا، وأبا حنونا، وجزءا فاعلا في المجتمع، كريما، مخلصا، مثقفا أو أي شيء، لكن الخلاف حول أدائك في وظيفتك كمدير لواحدة من أهم مؤسسات التعليم في مجدل شمس،
من قال لك أنك قادر على كل شيء وأنك الأفضل لهذا المنصب، قادك إلى هذا المنزلق، وفرض على أجيال متلاحقة أن تحتك بالهاوية أو تسقط بها، وبكل تأكيد ساهم في تعميم الفراغ والعبثية والجهل في مجتمعنا.
تنحى عن وظيفة الإدارة وأفسح لنا المجال كي نختار ونشارك ونكون جزءا طبيعيا من حالة البناء والتوعية، نحن حريصون مثلك ـأو أكثر ـ على هذا الجيل ولكن آفاقنا أوسع قليلا مما تستطيع أنت أن تعطي.

ياسر خنجر